طيبة اليوم - دخيل الأحمدي - المدينة المنورة :تعيش المعلمة وداد (من سكان المدينة المنورة) في حيرة من أمرها بعد وفاة زوجها المعلم تاركًا في عنقها خمسة أطفال: أربعة بنات وابنًا.
رضيت وداد بقدر الله سبحانه وأخذت على عاتقها أن تقوم بتربية أبنائها على أكمل وجه والذي يرضي الله عنها ولعل البشرى الأولى هي قدوم عبدالله بعد أربعة بنات وهو الحلم الذي كان يراود والده قبل وفاته، مما زادها إصرارا على بذل كل ما بوسعها لتوفير حياة كريمة لأبنائها وعدم انتظار مد يد العون لها من الآخرين إلا من الله سبحانه وتعالى لكن بعد تعيينها على بعد 300 كم من سكنها حطم كل آمالها وزاد من معاناتها في الحياة.
سنوات الانتظار:تقول المعلمة وداد عن سنوات الانتظار وتحطم آمالها بالوظيفة: انتظرت الوظيفة التي طال أمدها عشر سنوات وبعد تعييني معلمة لم تسعني الفرحة وبدأت التهاني تنهمر عليّ، خاصة من أولئك الذين يعرفون مدى مثابرتي وحاجتي للعمل الوظيفي كانت الأحلام كبيرة لتحقق آمالي لأوفر لأبنائي كل مستلزمات الحياة الكريمة، وتتذكر كلمات زوجها الراحل الذي آخر ما أوصاها به وبإلحاح كان المحافظة على أبنائه، وكأنه في لحظتها كان يعلم أنه سيرحل عنهم لم يدم فرح التعيين طويلا بعد أن علمت أن مكان تعيينها يبعد عن مسكنها بحوالى 300 كم وعلى حدود مدينة الطائف ولعل وعسى أن تكون الأمور مقبولة نوعا ما لتتفاجأ بوعورة الطريق وعدم وجود سائق يستعد لإيصالها إلى تلك المنطقة وتعرضت هي وزميلاتها مرتين للضياع في الصحراء ففكرت في العيش في تلك القرية إلا أنها تذكرت معانات ابنتها الصغرى مودة، التي تعاني من مرض في قلبها (ارتجاع القلب) ويلزم ذلك علاجها المستمر بالحقن، التي لا تتوفر إلا في المستشفيات الكبيرة، وكذلك بناتها اللاتي يدرسن في المرحلة الثانوية.
“صحيفة المدينة” التقت المعلمة وداد التي شرحت معاناتها قائلة: إن الصدمة كانت أكبر بكثير من حجم الطموح الذي تحطم على طريق العودة من تلك المدرسة، التي تقع في قرية المحاجر التابعة لمحافظة المهد وعلى حدود الطائف.
ساعة غيابًا:وتسترسل المعلمة وداد في شرح معاناتها وتقول: أغيب عن فلذات أكبادي لأكثر من 12 ساعة في الذهاب والعودة من وإلى المدرسة كوني أخرج الساعة3 صباحا ولا أعود إلا في تمام الساعة 4 عصرا تاركة خلفي قاصرات يجب علي ملازمتهن طوال الوقت، حيث لا يوجد لهن إضافة لأخوهن الصغير معيل غيري فأنا الأم والأب و12ساعة ما بين النوم والراحة وتجهيز أغراض أولادي لا تكفي، مع الدوام لليوم التالي.
وتضيف بحسرة: لم أستطع توفير خادمة لأني أنفق أكثر من 3500 ريال شهريا للسائقين أنا لا أتكلم عن حجم المعاناة التي أعيشها أنا وغيري من معلمات، ولكن أرجو أن تقدر ظروفي لأنني أرملة وأعول خمسة من الأطفال أحدهم مريض بالقلب وظروفي تختلف تماما عن غيري، ولعل خدمة زوجي المتوفى الذي كان يخدم قطاع التعليم بكل أمانة وإخلاص وبشهادة الجميع أليس كفيلا بأن يجد أبناؤه من بعده من المسؤولين من أن يقدروا ظروفهم وينظروا لهم بعين العطف وبنظرة الأب الحانية.
إنني من خلال “صحيفة المدينة” أناشدهم بأن يقدروا ضعفي فانا امرأة مهما وصلت فالضعف يلازمني ولا حول لي ولا قوة علما إنني لم أطرق باب الصحافة إلا بعد اشتداد معاناتي، وأعلم أنني إذا اعتذرت عن الوظيفة سوف أفوت الفرصة التي طالما انتظرتها سنوات طوال وكانت لا شك سنوات عجافا.